23‏/10‏/2011

انها الحرية فقط..

.بالأمس ارتدى ثوب الحرية ...نادى السجان اسمه...مشى دون أن يلتفت الى الوراء...فأمامه حرية...و خلفه حسرة سيحمل همها ووجعها بعده ...خلفه أسير يلتهف لهواء الحرية ...دموع صهرت وجنتيه...مفارقة خانقة!!!
اليوم يفتح عينيه...ينظر الى جسده ...هو يرتدي "بيجامة" ...الساعة تجاوزت وقت العد حيث كان ...يشتم رائحة طابون والدته ..صوت شقيقته يصدح في المنزل...رائحة القهوة تقرصه..."انا هنا "...انه صباح الحرية.. تدمع عيناه ...شاليط صُنع الكثير لأجله...أما هو فلا يلزمه سوى رائحة الشمس...ليتذكر...أنا حر...و هم مازالوا هناك....
يبدأ يومه الأول في تاريخ ولادة فجر حرية جديد...بخطواته المتنمنمة يمضي ...يسمع أصواتا...قرقعة أحذية نسائية ..يشتم روائح البهارات و اللحوم و الطبيخ...يسمع أحدث الأغاني...أصوات الباعة ...لقد مضى الكثير على فقدان هذه الأشياء,لا مجال للتصديق.. فتكون ضمن دائرة الأحلام التي كان يعيشها هناك في غياهيب سجون الاحتلال.
مازالت الصدمة مسيطرة على وجهه , فكرة الاختلاف تنغص ما يفترض ان تكون فرحة له و لمحبيه,شيء من قلبه مازال معلقا هناك و شيئا من قلبه اراد ان يتماشى مع وضعه الجديد , يضع رأسه على المخدة ... " جابر و جعفر و خالد الآن يخرجون لطابور العد المسائي "!!!...
تسهو عينيه ,يسمع صوت صرير الباب الحديدي "وجبة العشاء" فيفتح عينيه مرتعبا , يجد ,والدته تدعوه بلطف ليتناول وجبة العشاء , يتنفس الصعداء و يخبرها أنه ليس جائع , يغمض عينيه ثانية ,يبتسم ..هنا يمكنه أن يؤجل وجبته فلن تفوت عليه!!
كان يصمت كثيرا...يشرد أكثر و الآن هناك الكثير من الكلام ليحكيه و الكثير ليسمعه,"سأتحدث لمحامي فلان,سأزور والدة فلان,سألوم فلان على خطأه قبل عامين,سأضع الزهور على قبر فلان,سأطالب بالاهتمام بقضية زملائي في الأسر...حسنا...سأفكر في العمل ..أريد أن أعمل و أبدأ من جديد.
انقضت مراسم الاستقبال..و لم يبقَ له سوى مواصلة حياته التي تجمدت لسنين طويلة
" انها الحرية"...فقط