23‏/09‏/2010

وجع في القلب


وجع في القلب...قرار دون التفكير بعواقبه بالرحيل...رحيل مشبع بالهروب..الهرب من حب يحُتضر لا محالة...
حواجز الطريق...مخلوقات تحرس أرضا ليست ملكها و تستحكم بأصحابها عنوة...تلك قضيتنا...وذلك قلبي!!!
في الاستراحة أناس كثيرون يصطفون طوابير فوق بعضهم البعض ينتظرون دورهم...
المقاعد الحديدية تشبه كل شيء الا المقاعد ,شعرت أن جسدي يتكسر اجزاء,أحاول اخذ وضعية تريحني نوعا ما .أرجعت رأسي الى الخلف من شدة التعب و أغمضت عيناي ..امرأة تجلس خلفي صوتها يصن في اذني دوناً عن تلك الأصوات المتداخلة غير المفهومة من البشر حولي..."تاخد سندويشة يما" ...تكرر الجملة عشرات المرات ...نار تغلي في داخلي فتحت عيناني و أطبقت فمي بيداي ...أردت أن أصرخ بوجهها "هو لايجيب هو لايريد سندويشتك العظيمة..اصمتي"
يشدني منظر الالاف من البشر و تذمرهم من هذا الاكتظاظ و التأخير !!
و الأشخاص الذي لهم "واسطة" يمرون من الخلف متجاوزيين عناء الانتظار
اردت ان اشرب القهوة وأدخن سيكارة يداي ترتجف و ذلك الرجل الأحمق الذي يستغل البشر عطشهم,جوعهم,وحاجتهم للمواد الغذائية في غرفة صغيرة داخل الاستراحة حولها الى دكان تكتظ بالمواد التموينية كما كرشه الممتلئ
فيبيع الشيء بضعفينه,اقترب رجل وولديه الصغيرين أراد أن يشتري لهم قطعة بسكويت ليسكت صراخهم و ازعاجهم احتج على هذه الاسعار فنفر به صاحب الدكان "ازا مو عاجبك لا تشتري" صمت الرجل و أخذ قطعة من البسكويت مجبرا لاسكات أطفاله واخذ يبرر أنه لا يملك "فكة" ..أوجع قلبي فأضربت عن الشراء و قلت لذلك الرجل انه لا يخاف الله و يستغل حاجة الناس هنا علني أساند ذلك الأب الذي كُسر خاطره أمامي ولعلي اكون قد استطعت ان ازيل حرجه

خرجت أمام القاعة و اخذت زاوية لأدخن سيكارتي الناشفة و المليئة بالأوجاع..
داخل القلب أوجاع...تلك الأصوات تعلو مجتجة "الرقم 760 حتى 790 التوجه الى الباص...
يصرخ الشرطي بمكبر الصوت "الرجاء من الجميع التزام المقاعد ,اخوانا الي ما قطع وصل الضريبة يتوجه للشباك رقم أربعة" أنظر الى تلك الورقتين اطمأن على الوصل انه بخير...وأضحك على الورقة الثانية فرقمي 1093
غفوات متقطعة و تأمل ساعات في وجوه البشر و لعبة الأشكال وتحليل الشخصية لآقضي ساعات الانتظار..فتارة أضحك مع نفسي و أخرى أحزن عندما اتخيل حياة الاشخاص من طريقة حركاتهم و ملابسهم و أحذيتهم...
جاء دوري قطعت وصل المغادرة من بلادنا الفلسطينية و ابتسمت في سري هناك وصل مغادرة لبلادنا المغتصبة و بعد قليل نعامل كأننا في دولة اسرائيل و نحن بالحقيقة لم نقطع اكثر من 100 متر ,هناك...اجراءات اخرى وانتظار جديد و طوابير طويلة ...بعد التفتيش و اصطفاف الطابور أخذت مجندة تجلس خلف غرفة زجاجية أوراقي ,,أخذت اتمتم في سري ممتعظة من المروحة التي أمامها و الحر الذي اعاني منه ...تمارس عنجهيتها و تجبرها على المواطن الفلسطيني كأسيادها ,نظرت الى جهاز الحاسوب الذي أمامها ثم ذكرت اسمي بحروف متكسرة و قالبة حرف الراء الي غين ..فهي لا تعرف حرف الراء كما لا تعرف الكرامة و الحرية و الدولة الفلسطينية
أجلس حوالي الساعتين مرة أخرى و أفكاري تأخذني و تعيدني الى تلك القاعة المكتظة أنتظر و أنتظر
أفكر بطريق الرحيل و أخدع نفسي بفكرة النسيان...أسرق نفسي الى فكرة الجلوس على مشهد الغروب أمام البحر ..
فجأة أسمع صوت يصرخ باسمي و لكن هذه المرة بأحرف عربية سليمة ,توجهت الى الصوت فكان جندي برتبة يبدو أنه أعلى من سابقته
يقول لي هذه أوراقك...أنت "ممنوعة من السفر" عليك العودة
ضحكت ضحكة المقهور لابد انهم كانوا يسترقون السمع الى حديثي مع نفسي طوال الطريق ...لم أحزن ..لأنني فجأة أدركت أنني لا أريد الرحيل وتذكرت كلمات أحمد فؤاد نجم
• ممنوع من السفر ممنوع من الغنا
ممنوع من الكلام ممنوع من الاشتياق
ممنوع من الاستياء ممنوع من الابتسام
وكل يوم في حبك تزيد الممنوعات
وكل يوم بحبك أكتر من اللى فات
سأعود هذه المرة متناسية حرقتي من غطرستهم و امبرياليتهم...
سأتذكر فقط أنني عدتُ ...عدتُ...وكل يوم في حبك يا وطني تزيد الممنوعات!!!